كسارة مخالفة في البيرة تبث الغبار والضوضاء بين البيوت، والجهات الرسمية تتفرج

الكاتب: 

خاص بآفاق البيئة والتنمية

أعمال الكسارة المدمرة للمساحات المفتوحة المحاذية للمباني السكنية في مدينة البيرة

هل هناك أجمل من مشهد الشمس وقت غروبها؟ حتماً لا… لكن سكانُ منطقة السلامية غرب مدينة البيرة لا يرغبون بقدوم هذه اللوحة الساحرة، ليس لأنهم لا يحبون هذه اللحظة، بل لأن نهارهم ينتهي كل يوم بهواءٍ محمل بغبار أبيض، وليلهم يبدأ بإزعاج صوت آلات الكسارة التي تقع مقابل شققهم السكنية.

نحو عشر عمارات كل واحدة منها فيها ما لا يقل عن 20 شقة، تتوسطهم الكسارة بشكل مباشر، ويلتفُّ حولها مجموعة من أكوام مخلفات مواد بناء جمعها صاحب الكسارة وهو من البيرة، بالقرب من شارعٍ رئيس يؤدي إلى أحياء غرب مدينة رام الله.

غُبار وإزعاج

وفق أحد سكان المنطقة فالكسارة تتعدى على أراضٍ أغلب أصحابها هم مغتربون في الولايات المتحدة الأمريكية، فاستغل المعتدي على الأرض ذلك، وأقام منشأته بمعداتها الثقيلة وشاحناتها وجرافاتها، ومخلفات ورش البناء من خارج المنطقة التي يجلبها إلى كسارته ويطحنها لإعادة شحنها وبيعها.

ويوضح: “أسوأ ما في الأمر أن هذه الكسارة لا تبدأ عملها إلا بعد منتصف الليل، أي وقت خلود السكان للنوم وهو ما يسبب الإزعاج لهم، هذا عدا عن التلوث الذي تسببه”، مضيفاً: “وفي أحيانٍ كثيرة يتعمد صاحب الكسارة إغلاق طريق عام يؤدي إلى حي عين مصباح ويتحكم في اغلاقه أو فتحه وقت ما يحلو له”.

وأضاف أن هذه المنشأة أقيمت منذ أكثر من خمس سنوات في ظل تواجد سكاني ضعيف، لكن فيما بعد تغير الوضع وأقيمت المنشآت السكنية، وتباعاً تأثر السكان، وتم تقديم أكثر من شكوى من خلالهم لبلدية البيرة بخصوص هذا الشأن، لكن حتى الآن لم يحدث أي تغيير.

مواطنٌ ثانٍ أيضاً يسكن في المنطقة منذ أقل من شهر تقريباً يقول: أخبرني السكان الذين يسكنون في المنطقة ان هذه الكسارة تعمل ليلاً وتسبب الإزعاج لهم، هذا عدا عن التلوث الذي ينتج عنها، لكن ومع ذلك اشتريت الشقة في إحدى العمارات المقابلة للكسارة، كون موقعها مناسب، ولكني أعاني الآن عدا الضوضاء من مأساة أكوامِ نفايات مواد البناء التي تتجمع خلف الشقق وأغبرتها”.

وقال: “رغم أنها منطقة مميزة للسكن وفيها خدمات، لكن الكسارة تشكلُ مخالفة قانونية واضحة يجب ان تحلَّ دون ان تنغص بقايا المزايا في هذه المنطقة، لذلك اتفقنا وعددٌ من سكان المنطقة على حلِّ هذه المشكلة، بالتوجه للجهات المختصة وتقديم شكوى كان آخرها منذ شهرين فقط”.

مواطن ثالث يسكن في عمارة تضم 16 شقة تقع في الجهة المقابلة للكسارة يقول:” أكثر ما نتأثرُ به نحن سكان العمارة من هذه الكسارة هي الأصوات التي تبدأ ليلاً، أطفالي لا يستطعون النوم بسبب الإزعاج، ما يؤثر على دوامهم المدرسي صباحاً، عدا الثلوث، فالغسيل النظيف يتحول إلى وسخ”.


الردم ومخلفات الكسارة ملاصقة للمباني السكنية الجديدة في مدينة البيرة

قانون يمنع وعقوبات لا تردع!

يكفل القانون الفلسطيني وبالتحديد القانون رقم 7 لعام 1999 بشأن البيئة، يحق لكل إنسان العيش في بيئة سليمة ونظيفة، والتمتع بأكبر قدر ممكن من الصحة العامة والرفاه.

وكذلك يكفل القانون الثروات والطبيعة ومواردها والحفاظ عليها دون إلحاق أي أضرار أو آثار جانبية يحتمل ظهورها عاجلاً أو عاجلاً، نتيجة النشاطات الصناعية أو الزراعية أو العمرانية المختلفة على نوعيات الحياة والنظم البيئية الأساسية كالهواء والماء والتربة والثروات البحرية والحيوانية والنباتية.

وتنص المادة 10 من الباب الثاني/ الفصل الأول لقانون حماية البيئة، على التزام جميع الجهات أو الأفراد عند القيام بأعمال الحفر أو البناء أو الهدم أو التعدين أو نقل ما ينتج عن ذلك من مخلفات أو أتربة باتخاذ الإحتياطات اللازمة للتخزين أو النقل الآمن لها لمنع أي تلوث بيئي، وكل من يخالف احكام هذه المادة يعاقب بغرامة مقدارها عشرون ديناراً أردنياً أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً أو الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أيام.

وإحدى شروط ترخيص منشأة حسب ما تنص عليه المادة 16 من الفصل نفسه، وجوب توفر شروط بيئية ملائمة لنشاطات مثل المحاجر والمقالع والكسارات والمناجم، بصورة تكفل حماية البيئة من مخاطر التلوث البيئي والمحافظة على المصادر الطبيعية.

فيما تنص المادة 26: تلتزم جميع الجهات والأفراد عند تشغيل أية آلات أو معدات أو استخدام آلات التنبيه ومكبرات الصوت أو ممارسة أي نشاطات أخرى عدم تجاوز الحد المسموح به لشدة الصوت والاهتزاز، وكل من يخالف أحكام المادة هذه يعاقب بغرامة مالية لا تقل عن خمسين ديناراً أردنياً، ولا تزيد على مائة دينار أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً، والحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على شهر أو بإحدى هاتين العقوبتين…


الكسارة تعيث خرابا بيئيا وصحيا وسط المنازل في مدينة البيرة

جودة البيئة “الكسارة مخالفة ونحن نعلم بها!”

قال مدير مكتب سلطة جودة البيئة في رام الله المهندس ثابت يوسف، ان السلطة على علم بوجود هذه الكسارة، إذ زار طاقم جودة البيئة -بعد تلقي شكاوٍ من سكان المنطقة- موقع الكسارة، مبيناً أنها مخالفةٌ بشدة لأنها مقامة بين تجمع سكاني وتبدأ عملها بعد منتصف الليل، الأمران المخالفان للقانون.

وأوضح ان الكسارة تجمع مخلفات مواد بناء على شكل أكوام، وتعيد طحنها للإستفادة منها مرة أخرى على مساحة تقدر بـ 4 دونمات على الأقل، مضيفاً أن صاحب الكسارة يدعي أنّه وقّع اتفاقية مع بلدية البيرة لإقامة هذه الكسارة.

ويراقب مكتب جودة البيئة الكسارة والشاحنات التي تدخل إليها وتخرج منها لضبطها، وقد لُوحظ أن هذه الشاحنات تبدل أرقام اللوحات التي تحملها.


مخلفات الكسارة تحاصر المنازل في البيرة

بلدية البيرة: الشرطة أخطرت الكسارة!

نفت بلدية البيرة أن تكون هذه المنشأة مرخصة من قبلهم، بل هي مخالفة ولا يمكن قبول استمرار عملها في هذه المنطقة السكنية. هذا ما أكّده زياد الطويل مدير بلدية البيرة، مضيفاً أن المنشأة تقع في منطقة حدودية بين مدينتي رام الله والبيرة وصاحب الكسارة  يعتدي على أراضي المواطنين، هذا عدا عن مخالفته القانونية للموقع الذي يقيم عليه كسارته،  والعمل بعد منتصف الليل.

بعد الشكاوي العديدة التي وصلت إلى البلدية من قبل السكان المجاورين للكسارة، يلفت الطويل، تم رفع كتاب مشترك مع بلدية رام الله إلى الشرطة مفاده ضرورة اخطار المنشأة ووقف عملها وإزالة المخلفات، ولكن، “حتى الآن لم يصلنا أي تطورات بخصوص هذه القضية” يختم الطويل.

أضف تعليق